لطيفة محفوظ كامل تكتب: كتلة جميلة متحركة

20 فبراير 2020

تنظر في مرآتها الصغيرة، ترى انعكاسا لوجه قد أنهكه التعب لا جمال فيه البتة ، مجرد وجه عبوس شاحب ،وعيون نائمة قد زال بريقها بفعل حزن دام عدة سنوات، لقد نسيت نفسها، نسيت أنها أيضا أنثى تريد أن تبدو جميلة في نظر حبيبها، لقد اخبرها أنها جميلة، لكنها لا تملك الشجاعة ولا الثقة لتصدق كلماته ،حثما يكذب،  فالرجال كلهم كاذبون لغرض ما في أنفسهم، كانت دائما ما تسمع جملا قصيرة عن مدى بشاعتها من أفراد عائلتها،  حتى أن أخاها الذي تعتبره  مثلها الأعلى، اخبرها يوما بأنها  قبيحة العائلة ،كانت طفلة صغيرة حينها فصدقته ،فالأطفال يصدقون كل ما تتفوه به أفواه الكبار، حتى وان لم يكن صحيحا…

اليوم  موعد اللقاء ،موعد لم يكن في الحسبان ،فهي لم تتوقع أن يعجب بها شخص، وخاصة في عمر الثلاثين، ربما هي عقدة نهاية الصلاحية ،ففي مجتمعها،سن الثلاثين هي مدة انتهاء صلاحية النساء،فالرجل عندما يريد أن يختار  حبيبته وعروسه المستقبلية ،يختارها دائما اصغر سنا ،يختارها دائما أجمل وجها ، وان كانت خطته ذا بعد مستقبلي يختارها  أيضا أظرف خلقا،حتى تستطيع بعد دلك ،إن رزقا بأطفال، أن تربيهم تربية  حسنة… اجل في مجتمعها الرجل يختار المراة تحت سن الثلاثين، حتى ولو كان في سن  الخمسين، وكأن شبابه لا يفنى ،وكأنه خلق ليختار من النساء الأجمل والأصغر سنا، حتى لو كان ذا كرش منتفخ وشعر أشيب وعيون جاحظة ورأس أصلع  من كثرة الشهوات،  لقد نسي ان عهد هارون الرشيد  و الجواري قد ولى، وما زال يتغنى بذكوريته كلما مرت من أمامه كثلة  جميلة متحركة …

وضعت المرآة وبدأت في تعزيز تقتها بكلمات داخلية …كلما عليها فعله  هو الذهاب للقائه ، لن تضع كحلا لتكبير عيونها الصغيرة ولا احمر شفاه لتلميع شفاهها،لن  تضع أهدابا اصطناعية ولا  كريما للتبييض  لإزالة شحوبها، وسرعان ما سيكتشف قبحها،سيلاحظ عن قرب وجهها البشع ،حتى أنها ستعبس في وجهه كي لا تخدعه ابتسامتها وستتمكن إضاءة الصباح من مساعدته على تفكيك عيوب وجهها…

 وسينتهي كل شيء ،اجل سينتهي كل شيء…  سيتبدد ذلك الشعور اللذيذ بان هناك من يجدها جميلة ،ستنتهي أحلامها في نقطة البداية، حلمها الصغير في أن تبني بيتا ،عشا صغيرا يؤويها ،في أن ترزق بأطفال أجمل منها، حلمها في أن تحضنهم حضنا واحدا، أن تمدهم بقبلات  عطف وحب وحنان ،لكن الأهم من ذلك كله،  حلمها في أن تجد حضنا يؤويها، وروحا تسكنها… اجل سينتهي كل شيء… ففي نهاية المطاف كلها أحلام وليس من الضروري لها أن تتحقق…

 

لطيفة محفوظ كامل – مدينة الدارالبيضاء

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :