مصطفى نجدي يكتب: كوفيد 19 – الجزء الأول

29 مارس 2020
 
 
الشأن الداخلي مخيف .. مقلق إلى حد تصْدقُ فيه التوقعات بغد سيء قادم لا محالة .. الأمر يتخطى وباء “الكورونا” وينحدر إلى زاوية أخرى أكثر رعبا .. “الجهل” .. الجهل الذي يقودنا بسذاجة إلى الهلاك .. انخفاض الوعي الصحي وطغيان العادات الشرقية السخيفة على كل رأي أو نصيحة طبية .. غلبة الجهل على الخوف من الموت وتحول الفقر إلى الاستخفاف بكل بلاء ومصيبة .. الوضع الاقتصادي المزري .. تأخر التعليم .. تأخر الزواج وغيره من الأسباب التي بفضلها هان المرض واحتمال الموت به في عين الناس فوجدنا أحدهم يستهين والاخر يسخر وغيرهما يتباهى بعدم التصديق ويعتنق نظريات مخجلة وآراء غريبة لا تفسير لها ولكن هناك نتيجة أكيدة لعدم تصديقه .. أننا نتجه مباشرة نحو الهاوية .. ليس “الكورونا” الهاوية المقصودة ولكن الهاوية تتعلق بكل شيء يمر به مجتمعنا البائس قليل الحيلة ..
 
انتشار السخرية بين الشباب حول “الكورونا” لا علاقة له بالروح المصرية المرحة التي تتجاوز الصعاب وتستنبط من قاع الخيبة المظلم شمعة مضيئة مضحكة يتجاوز بها الآلام ..! متى تحول رد الفعل إلى هذه الزاوية المخزية .. ؟!
نسخر من بعضنا البعض ..
نسخر من أشكالنا وأجسامنا
من مظاهرنا الخارجية
من الانتماءات الكروية حد التعارك
من الخطابات السياسية لأي ممثل سياسي عربي كان أو أجنبيا
من فتاوى علماء الدين
من مرض فتاك ربنا يقضي علينا أجمعين
يسخرون من كل شيء ولم يبق لديهم غير الدين فشرعوا في النيل منه في وقت سابق ولا زالوا ..! تباً
 
هل فقدنا الاحساس بغيرنا .. أم سيطرت علينا مشاعر النقص والغيرة من الآخرين .. ؟ تعلمنا سابقاً نظرية تتحدث عن تحطيم الأهداف التي يصعب الوصول إليها .. إذا فشلت قدمك في الوصول إلى مكانة غيرك العالية فقم بتحطيم مكانته بذات القدم ..! هل يحدث الشيء نفسه حينما يدرك أحدهم أنه أصيب بهذا الوباء ؟ هل سيحاول أن يلحق غيره بذات المصير المشؤوم .. ؟
 
“لماذا يعيش غيري وأموت أنا”
ربما تصبح هذه الجملة شعار المرحلة المقبلة .. فلقد رأينا العجاب في مجتمعنا العربي الكبير والمصري بشكل خاص .. في الصين منبع هذا الوباء حيث الثقافة والأخلاق التي قد تتجاوز مجتمعنا العربي .. رأينا كيف جن جنونهم حينما انتشر “كوفيد-19” بينهم .. كانوا كالصرعى .. أخذوا يبصقون على بعضهم البعض .. يبصقون على الجدران والمصاعد وغيرها حتى ينقلوا المرض إلى أكبر قدر من الناس .. فلماذا يعيش غيري وأموت أنا ؟ بالتأكيد هذه الأفعال فردية لم تصدر بإسم الجميع ولكن السؤال هنا ..
هل نصادف في مجتمعنا مثل تلك الحالات الفردية ؟
وهل تستطيع الجهات الصحية قليلة الامكانات التي لم تحظ سابقاً بأي اهتمام من دعم لميزانيتها وتقديراً لمكانتها ودورها الحيوي .. هل تستطيع أن تواجه تفشي هذا المرض ..؟
وأخيراً إذا افترضنا أن أخلاقهم في الصين كانت مجرد معتقدات انسانية بحتة بلا أساس ولا ركيزة ولا اقتداء بعقيدة معينة .. ؟ وحينما أصبح أحدهم معرضاً للموت زال هذا الواعز الأخلاقي الانساني ولم يجد المرء منهم ما يدفعه إلى الاحتفاظ بانسانيته واخلاقه .. أيمكن للواعز والتعاليم الدينية أن تمنع ظهور هذه الحالات الفردية في بلادنا ..؟
#كورونا
 
 
الإسم: مصطفى نجدي محمود نجدي
السن: 24 عام
خريج كلية التربية ، جامعة حلوان ، قسم الجغرافيا
كاتب قصص قصيرة ومقالات

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :