ليلى شاهد تكتب: يوميات تائهة الجزء الثاني

17 أبريل 2020
 
تائهة هي أكثر مما ينبغي، وفي أشد المتاهات وضوحا.بداخلها إثنان يتبارزان ليل نهار، أحدهما ينسج والأخر يمزق، الأول يرسم، والثاني يتلف عمدا كل الخطوط ويشوه معالم الشغف بداخلها..، أحدهما يدين بالحبس والجلد، كل حركاتها العفوية والطفولية ويتوعدها بالأرق والإرهاق ما لم تخضع. والآخر يبرئ أفكارها الخيرة الحبيسة ويعفو عن نواياها المدانة ويربت دائما على قلبها بحنان أن لا حزني.. تتدثر عينيها بغيوم ثقيلة ترفض بعناد أن تمطر ولسان حالها يردد بتثاقل كلمات فرانس كافكا ” أرغب في عزلة تخلو من التفكير أكون فيها وجها لوجه مع نفسي.. ” إذا كان للتيه عنوان فحتما سيكون لها نصيب الأسد من تسميته، ببساطة لأن التيه لا يعني بالضرورة الضلال ! لكنه اتسع ليشمل تحت بساطه ما لا تقوى الحروف على خطه.. رأيتها على قارعة الضياع، تدور مؤشرات بوصلتها حول نفسها كعقارب ساعة معطلة صدئة، لكنها تصر على إصدار صوت التيك تاك الرتيب لتعلن للعالم أن الزمن متوقف عندها..  تعاني الرهاب الإجتماعي ويرتجف صوتها عند الكلام برسمية،ربما من فرط الحماس والإنفعال، ثم إن الأفكار تتزاحم في حلقها بإندفاع راغبة في الخروج دفعة واحدة، فتتلعثم صاحبتنا وتضيع الكلمات على شفتيها..، تتعبها محاولات الاندماج بشدة ويتحول التعبير عن ما يدرو بخلدها إلى محاولات بائسة للإمساك بشيئ هارب!  لو اطلعتم على ذهنها لوليتم دهشة لفرط ما هناك من غرابة ! لكن على الرغم من كل الصعوبات والمشقات، وبعد كل الحروب الضارية التي اتخدت داخلها مسرحا، إلى أن تلك التائهة مازالت ترتدي قناع الامبالات بكل ثبات وبرود وترقص “البالي” بهدوء على آلامها.. لم ينته لكنه سينتهي عند إشعار آخر!
 
ليلى شاهد – مولاي بوعزة، خنيفرة

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :