كريم الحدادي يكتب: يوميات رجل أرهقه السؤال – الجزء السادس-

27 أكتوبر 2019

لم أتركها، ليس من عادتي الهجر، و لم أهجرها. قعدت أحدثها شهورا حتى حسبت أنها فعلا شابة يافعة. كانت كلماتها كأوراق خريف خضراء، إلا أن خضرتها كانت وهمية، شكلية و خادعة. لقد أدركت ذلك و لو لم أدركه لتزوجتها و ثقت بصلاحية خطابها القائل:

  • إن من عادة الإنسان الدغمائية و المحاكاة. فشيوخ الزيمبابوي يحاكون شيوخ الشرق الأوسط، بالرغم من أن معظم هؤلاء لا تتاح لهم الفرصة كي يصلون هذه المرحلة من العمر. فمعظمهم يروح ضحية قنبلة أو غاز مسيل للدموع. و أطفال الجنوب لا يميز بينهم شيء عن أطفال الشمال سوى نحن عن طريق المحاكاة. لقد أبى الكل أن يصدقني و كأنني أصبحت مجنونة يضحك على كلماتها الكل.

كنت أنام عشر ساعات، غائبة بذلك عن الوجود، و حين أستيقظ كنت أستغرق ساعتين أمام المرآة، أتزين كي أذهل الرجال و أتلاعب بعقولهم الضيقة. لكي أعيش في مجتمعهم، كان يجد ربي أن أكون جميلة و إن لم أكن كذلك سيهجرني الكل، تماما كما فعلوا حين أخبرتهم أنني طفلة صغيرة.

كنت عندما تنتهي مهمة المرآة أتعاطي شم العطور و أنا حائرة. أختار من “الأكسسوارات” ما يتماشى مع ألوان الفساتين و السراويل، حتى لا يصفني الناس بالعشوائية و الجبلية. هذه قصتي و أنا أخلد ذكرى جمالي لوحدي كل دقيقة و لم يتقدم أحد لمواساتي أو سؤالي. لقد أخذت مني الحياة سنينا لم أعشها و لم أراها تفرحني أو تجعلني حزينة.

أنا شابة أيها الغريب…

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :