كريم الحدادي يكتب: أشعر يا جماع… أصمت يا درويش

3 يوليو 2022

 

أصمت يا درويش من فضلك، أشعر يا جماع. أصمت يا ادريس، تكلم يا محمود. اصمتا معا. ماذا عساكما تقولان أو تفعلان بالبلاغة؟ يحدثكما كيليطو مشبها بلاغتكما بالشمس المريضة التي انطفئ لهيب شعاعها بانطفاء نجم الجرحاني. و ماذا عساكما تفعلان بهذه اللغة الشعرية و الشاعرية، التي تبرأ منها جاك بوفريس و جاك دريدا و فتجنشتاين؟ و ماذا عساها تفعل لنا هي نفسها في اخر المطاف؟

و لعل ما يشفع للشعراء بمزاولة البلاغة هو ما قرره هيدجر: “نحن لغة”، أي أنه لا يمكن تخيل وجود بدون وساطة رمزية دلالية بين المخاطب و المخاطب. و الحال أن مستويات الخطاب و أشكاله تتغير طبيعيا وفق تغير السياق. و في إحدى هذه السياقات، ظهر الشعر. و ليس لأحد سلطان على الإبداع.

 بالمقابل، بخروجها عن السياق الدقيق و المباشر للكلام، يقول “بوفريس”، تكاد اللغة (الشعرية) لا تقول شيئا” أو أنها في اخر المطاف تشوه و تجلب المعنى إلى نطاق الغموض.(حوار المجانين أو فلسفة الغموض.ك.ح)؛ و الأكثر من ذلك أنها لا تقدم ضمانات و لا حقائق. يقول “نيتشه”: ليست هناك حقائق، هناك فقط تأويلات.” إذ تظل اللغة مهددة بما سماه عادل مصطفى، “فائض المعنى”؛ أي ما يتملص من النطق و التجسد. نحن إذا بصدد الحديث عن “الـلا لغة”، عن لغة مكبوتة، مسجونة، تريد أن تتحرر و لا تقوى على التحرر. و بدورنا لا نقوى على إخضاعها للتصنيف أو الدراسة.

 لكن، هذا لا يبدو عيبا من عيوبها على الأقل ظاهريا، إذ لو لم نكن في الان نفسه كائنات نفسانية و لغوية أي بعبارة أخرى، يقول فتجنشتاين، لو كنا قادرين على إدراك الأفكار إدراكا مباشرا من دون أن يتدخل النفسي و النحوي (العدوان الذي يخوض المنطق معهما صراعا دائما) ليعقد علينا الأمور، لوجدنا بيننا أفكارا غامضة، لأنها ببساطة غير موجودة”.

أشعر يا جماع، أشعر يا درويش…

كريم الحدادي – مدينة مولاي بوعزة

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :