عاشر حسناء  تكتب: على مشارف حياة…زمن كورونا

1 ديسمبر 2020

جلست أتأمل كلمات كتبتها لحظة شرود فكري أو بالأحرى لحظة هذيان نفسي بين الواقع و الإفتراض “الهربة…. لمن … استطاع” , تلك العبارة التي ترتطم بها ذاكرتي كلما جلست أتأمل بعض أحوال هذا الزمن, أيا ترى هناك هروب من حالتنا اليوم؟ و الى أين المفر؟ وعدونا واحد ..لا يرى بالعين المجردة .

تذكرت “مولود” الرجل الحديدي كما أحب أن أسميه , صديقي و جاري القديم الذي نحتت على وجهه تضاريس حياة بئيسة أثقلت على محياه حتى صرت لا تكاد ترى ابتسامته يوما, ذاك الرجل الشهم رغم ما يبدي من قسوة, يشتغل عتالا في الأسواق ليجني قوت عيشه بعرق جبينه, وتساءلت عن حاله اليوم كيف سيكون و هو الأبي الذي لا يرضى مد يده لأحد بالرغم من أنه الأحوج إلى ذلك.

وكيف يا ترى حال أبناءه الثلاثة الذين يدرسون في مستويات مختلفة و الذين لا يملكون هواتف ذكية من أجل الدراسة عن بعد؟

سألته يوما عن ما إذا كان يفكر في اقتناء هاتف ذكي من أجل مساعدة أبناءه في دراستهم فأجابني بأن الهاتف “كيتلف”, وأردف قائلا:” أأزيد الطين بلة…وأنا أحارب فقط من أجل جني لقمة عيش أسد بها الأفواه التي تترقب رجوعي للمنزل كل مساء, أتدري ذات ليلة لم أبت بالمنزل..”

فأجبته مستغربا:”لماذا؟”

وقال:”لم أجد عملا ذاك اليوم ,وخرت قواي و أنا أبحث عن من يريد عتالا من أجل رفع حمولته.وزاد همي أن المؤونة التي كنا ندخرها من طعام قد انتهت , فقد كنت أنتظر أن أجني مالا من أجل اقتناء بعض الخضر للأطفال لكن لم أنجح في ذلك, وصرت خالي الوفاض فلم أستطع العودة الى البيت….

لم أعرف ما أقول له في تلك اللحظة و تأسفت  على حاله, فأكمل قائلا: “عساك نشري الصداع و التلفة…ومنين اجيوني فلوسو بعدا..لالا حنا ماشي تاع داك الشي…الناس قراو غا بالشمع و لي بغا يقرا كيقرا”

التلفة” كما يسميها مولود, والتي صارت مقرا وملجأ للعديد في هاته الآونة الأخيرة,كلما دخلت للعالم الأزرق إلا ووجدت هرجا و مرجا, عالما آخر بقواعده و قوانينه و أنظمته وقداسته….أترى هل هذا هو المقصود بالهربة التي قرأتها ذات يوم على جدار متهالك !.

عاشر حسناء – مدينة بني ملال

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :