خديجة الخليفي تكتب: وعـد بلـون الأمـل

24 مارس 2020

بيني وبينك ركام من الحجر، لا أعرف من أين أتى، هل تراه؟

قال: لا أراه؟

قلت: ربما ضرب زلزال الأرض بالأمس بينما نحن نائمين! لكن لم لا ترى ركام الحجر مثلي؟ كنت دائما تحس ما أحسه وترى ما أراه رغم بعد المسافة بيننا، ما الذي غيرك؟ ما الذي يشغل بالك؟

قال: حبيبتي! لا تلوميني.

سكت لدقائق، أحسسته يشرد. رددت كثيرا: آلو! آلو! آلو!

أجاب أخيرا: نعم، نعم…

سألته متعمدة: لماذا لم تأت طائرتك في موعدها؟

قال: لا تلوميها أرجوك! حبيبتي، هنالك شيء خطير يتسرب الى جوارحنا، فقط لدي طلب: لا تخرجي من البيت إلا لضرورة قصوى.

قلت: لماذا؟ ما السبب؟

قال: أخاف عليك، فقط الزمي البيت.

كان حبيبي يعرف مشاعري المرهفة، فاحتار كيف يبوح بحقيقة الوباء الذي اجتاح العالم مؤخرا، تابع كلامه، فقال: هنالك كابوس يتجول في اليقظة يخنق كل من يراه خارج بيته.

بللت حلقي برشفة ماء، ثم قلت له: حبيبي، أفهم خوفك علي. نعيش أزمة حقيقية، لقد استمعت إلى نشرات الأخبار والحملات التحسيسية، وعرفت كل شيء. الأمر ليس مجرد حجر متراكم أو كابوس، بل إنه طاعون اخترق العالم. إن ما يقف حاجزا بيني وبينك وباء! ان ما يقف بيني وبينك جائحة اسمها كورونا.

حبيبي، لا أريدك أن تموت ولا أريدني أن أموت، سأمتثل لأوامرك، لن أغادر بيتي إلا للتبضع أو العمل أو التطبيب. أخاف عليك، أحبك وسأظل أرددها إلى أن تحلق أول طائرة بك إلي. سأظل أرددها حتى تذوب الجائحة وتنصهر وتمتصها تربة الأرض الحنونة. الجائحة يا حبيبي ستقتلها ذبذبات الحب والود، ستخنقها ذبذبات التضامن والخوف على بعضنا البعض. حبيبي أعدك سألزم بيتنا حتى يبزغ الفجر الجميل، لن أصافح أحدا ولن أسلم على أحد حتى على أمي، لا أريد قتلها بقبلة في زمن كورونا.

حبيبي، اِطمئن ولا تقلق علي، سيكون شعاري من اللحظة “اِلزم بيتك” حتى تموت الجرثومة المسماة كورونا كوفيد 19

خديجة الخليفي – مدينة سلا

لها قصص قصيرة وخواطر منها حرف شتائي، حرف خريفي، فخ الضباب، خلف التكنولوجيا، دردشة رمادية، فراغ الليل، عطر الأنوثة التي نشرت مؤخرا في مجلة عناقيد. موقع رقيم، جامعة المبدعين المغاربة التي يشرف عليها الأديب محمد اللغافي، وغاليري الأدب التي يديرها الأديب مصطفى لغتيري وديوان العرب للنشر والتوزيع – وطن العرب.
حصلت مؤخرا على شهادة تتويج من قبل المركز المتوسطي للأبحاث والدراسات وذلك لفوز قصتها المعنونة ب”العمق الهادىء”. والتي تعتبر أول قصة نشرت بصيغة ورقية وهي صادرة في كتاب جماعي بعنوان الكلام المباح.
 اللوحة تحمل عنوان فرحة الميلاد وهي من توقيع الكاتبة سنة 2018، تتحدث عن الحياة والفرح والأمل والسعادة.

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :