خديجة أولحسن تكتب: القراءة و التقدم

14 مايو 2019

اقرأ، أول ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل ربه، فالله تعالى أمر المؤمنين بالقراءة و تحصيل العلم، ﻷنه يعلم كل العلم أن القراءة هي ما يحتاجه اﻹنسان حتى يقوم بما تبقى له من اﻷعمال على أحسن وجه، و لم يقل له صل أو صم أو زك ﻷن القراءة تبقى دائما الدعامة اﻷساسية لكل شئ في هذه الحياة.
و الله  سبحانه وتعالى أكرمنا بالعقل، و ميزنا عن سائر المخلوقات اﻷخرى، و أعطانا عقلا نميزبه بين الصح و الخطأ، و لكن هل العقل وحده يكفينا لكي نعي و نعرف ما حولنا، و لكي نكون إنسانا بكل ما تحمله الكلمة من معنى؟ طبعا لا، لأن اﻹنسان ليس فقط تلك الكتلة من العظام و اللحم، بل هو أفكاره، معتقداته، مبادؤه، موقعه داخل المجتمع، أهدافه، و الكثير من اﻷشياء اﻷخرى، ولكن كل هاته اﻷمور يكتسبها اﻹنسان بطريقة أو بأخرى، و إذا أردنا أن تكون هذه اﻷفكار و المبادئ و اﻷهداف جيدة و ذات قيمة، علينا أن نكتسبها بواسطة القراءة و مجالسة الكتاب و اتخاذه خليلا و مؤنسا لنا في كل آن و حين، أما سمعت المتنبي و هو يقول: أعزُّ مكانٍ في الدُّنى سـرْجُ سابِحٍ ✰ وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتاب.
و القراءة و العلم و مرافقة الكتاب تكون سببا في تطور و تقدم مجتمع ما إن هو اهتم بها، و تكون كذلك سببا في انحطاطه و بقاءه في الحضيض إن هو تخلى عنها، فنحن نعلم أن الحياة عبارة عن ثلاث:اﻷمس و الحاضر و المستقبل، و القراءة تختصر لنا الثلاث في آن واحد، فعندما تقرأ، أنت تقرأ في الحاضر ﻷعلام و أناس في الماضي لتعرف كيف تعيش مستقبلك، إذن فالقراءة أيضا من شأنها أن تعلمنا كيف نعيش الحياة، ولا يمكن للعالم أن يتساوى مع الجاهل، فالعالم يبقى دائما في اﻷفق، بينما يبقى الجاهل  يبقى دائما في الحضيض.

 ونحن في المجتمع العربي، أصبحنا نهتم بمظهرنا الخارجي أكثر من الداخلي، فأصبحنا ننظف ثيابنا من اﻷوساخ و اﻷدران، ونشتري ثيابا جديدة، و نمسح أحذيتنا من الغبار، و نهتم بتربية العضلات، و كل هذا للتباهي و التفاخر بمظهرنا أمام اﻵخر، و اﻷجدر بنا، أن ننظف عقولنا من اﻷفكار التافهة و المغلوطة، و ننفض الغبار الذي علق بها و تراكم عليها حتى أصبح ككتل الرمل بالصحراء، و نربي عضلات عقولنا حتى تكون قوية أمام أفكار هذا المجتمع السافهة، ﻷن عقولنا هي التي توجد في أعلى مكان بالجسدنا، و هذا لن يتحقق إلا بالقراءة، و لست أقصد بالقراءة، قراءة الروايات الرومانسية التافهة، والتي لا تنفعنا بشئ، سوى أنها تعيشنا في الوهم و الخيال، بل أقصد بالقراءة، تلك القراءة التي تجعل منك إنساناً، تجعلك ترى العالم على حقيقته، تجعلك تلم بجميع اﻷمور الغامضة في هذا العالم ، فقد يندم الشخص على عدة أخطاء اقترفها في حياته إلا قراءة كتاب ما، فهو الشئ الوحيد الذي لن يندم عليه مادام حيا، و لذلك علينا أن نقرأ ﻷننا أمة اقرأ.

خديجة أوحسين

 تلميذة بالثانوي التأهيلي،فاعلة جمعوية، محبة للقراءة و الكتابة.

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :