يسرى أهدب تكتب: المسرح بالصويرة…ماض مشرق وحاضر مقلق

10 مارس 2024

 لا يمكن التطرق للمسرح في مدينة الصويرة بمعزل عن الإطار الثقافي العام في المدينة، حسب مصدرنا، فالهزال الذي تعرفه الصويرة في المجال الثقافي كانت له انعكاسات سلبية على هذا الحقل الفني الذي يلعب دورا كبيرا في التوعية والتنوير بما يثيره من قضايا حيوية داخل إطار فرجوي.

 إلى جانب العامل الثقافي هناك عوامل أخرى تعمل في الخفاء لتمييع دور هذا الحقل الفني كالتطفل على الميدان، إضافة إلى الخصاص المالي والافتقار إلى المحفزات المعنوية.

 العوامل مجتمعة بغض النظر عن عوامل أخرى، جعلت هذا المسرح في تعامله لا يزال هامشيا، وحسب كتابات أحد الوجوه الثقافية المحلية، فإن تاريخ المسرح بالصويرة يمكن تقسيمه إلى مرحلتين،

 مرحلة الحماية أو ما يسمى بمرحلة التأسيس، كان المسرح في هذه الفترة أداة للتبليغ ونشر الوعي الوطني بين الجماهير لمقاومة وطرد المستعمر من البلاد، جل الأعمال التي أنجزت في هذه الفترة انصبت حول استلهام الأبطال التاريخيين في محاولة لتأكيد الذات العربية والإسلامية. في هذا الإطار يمكن الحديث عن مرحلة التأسيس للمسرح بالصويرة، حيث كان أفراد الرعيل المؤسس تحت قيادة الفنان الراحل الأستاذ العربي صابر، يمثلون مسرحيات وطنية كانت تقام بالبيوتات، وتؤسس وعيا بضرورة المقاومة، منها الفدائي الصغير، صوت الضمير، عمر بن الخطاب، سيدي محمد بن عبد الله، حاتم الطائي الكوخ، ظهور الإسلام… كل هذه الأعمال كانت من تأليف وإخراج المرحوم العربي صابر الرئيس المؤسس لفرقة الرجاء المسرحية.

  ثم مرحلة الاستقلال أو ما يسمى بمرحلة الممارسة والتجديد، في هذه المرحلة ظهرت كفاءات شابة مواكبة للتطور المسرحي على مستوى الإبداع والممارسة، حيث أخدت جمعية الرجاء المسرحية صيغتها القانونية، وقد حصل الشرف لرئيس الجمعية آنذاك الأستاذ العربي صابر بالمثول بين يدي المغفور له جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، برفقة مجموعة من المسرحيين المغاربة، حيث هنأهم جلالته بالدور الفعال الذي لعبوه خدمة للقضية الوطنية.

 استمرت الجمعية تحت نفس الاسم وبدماء فتية شابة حتى حدود سنة 1968، حيث ظهرت فترة ركود نتجت عن عوامل حياتية متعددة وكذا عن متغيرات في عقليات أفراد الجمعية.

 ويمكن تسمية هذه الفترة، حسب المصدر ذاته، بفترة تأمل هامة وضرورية لتشخيص هذه التجربة المسرحية، وكذا فترة تأمل لعقلية الماضي المليء بالحماس الوطني، والانتقال إلى فترة التجريب.

في سنة 1972 تأسست جمعية الجزيرة على يد ثلة من الشباب المحلي المتعطش للإبداع الفني إيمانا منه بأن مدينة الصويرة كانت على مر الأحقاب مدينة الإلهام والخلق الفني، ومن ضمن مؤسسي الجزيرة الراحلين العربي صابر واحمد الهدري إضافة لأسماء أخرى كالفنان التشكيلي الحسين ميلودي، محمود مانا، فاقي عبد المجيد، أشكون عبد الرحمان، عبد العزيز العنطري، الرياضي مكدول، اصماراي الحسين، عبد السلام بن عطار…

  سنة 1980 شهدت مدينة الصويرة عرسا مسرحيا كبيرا تجلى في تنظيم جمعية الجزيرة للملتقى الأول لمسرح الهواة تحت شعار “المسرح ثقافة شعبية”، واعتبر هذا اللقاء المسرحي النواة الأولى التي أسست لمهرجان مسرح الهواة على الصعيد الوطني.

 وفي سنة 1982، تأسست جمعية الأسوار للثقافة والفن بعدما خمد لهيب جمعية الجزيرة لصراعات وانشقاقات داخلية، بعد ذلك تعززت الساحة الثقافية بجمعيات أخرى منها من بقيت صامدة إلى الآن ومنها من ظهرت وسرعان ما اختفت..

ويذكر، أن الحركة المسرحية بالصويرة، عرفت بعض الانتعاش في السنوات الأخيرة بفضل مبادرات محدودة لجمعيات معدودة، سرعان ما تلاشى بعض مفعولها بسبب عوامل متداخلة ذاتية وموضوعية.

يسرى أهدب – خريجة برنامج الصحافيون الشباب لأجل إعلام ثقافي

بشراكة مع المركز الدولي للصحفيين ICFJ

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :