نور الدين رميلة يكتب: نهاية الدائرة

2 مارس 2020

هو ذلك تماما ما يخترق عقلك دون استئذان .. هو اليأس العفن الذي يستحوذ على منابع الفرحة بداخلك .. فتتلاشى الرغبة في الابتسامة .. ويصبح الميل إلى الحزن ثقافة …

تشكل هاته الثقافة ومعها أمور بسيطة لا حيلة لنا معها .. التوجه العام أو ما يحب علماء الاجتماع أن يسمونه بالعقل الجمعي داخل مجتمع …

ويصبح للألم لذة .. ونبدع في الموسيقى الحزينة وفي الدراما المبكية  وفي استدعاء الأحداث الكئيبة مما مضى ..

أنا لا أزخرف ولا أتفلسف ..

همي أن أخبر بوضوح غير متعنت عن شيء نرتديه دون ان ندري بفظاعة مانفعل …

يجب أن اذكر هنا أن حديثنا حول فنجان قهوة لا تكتمل حلاوته إلا بالحديث عن عيوب الآخرين وحزنهم …

وفي لحظة الأمل الوحيدة العابرة نبيع وهما خبيثا ؛ وهما  مقدسا بانتظار المنقذ ..

بانتظار القائد المخلص … فيجد الحزن مبررا لوجوده كعامل يستدعي حضور الوعد السمائي المزعوم المكذوب بفعل تلاعب الواحد للآخر ..

يجب علي أيضا أن أخبر أن آباءنا وأمهاتنا مع قداستهم الفطري بنا .. لا مانع من أن ننتقدهم عما أنتجوه بنا …

إن وجود ملايين من البشر عاجزة على  أن تنظم أطر حياتها بشكل يليق بالإنسان لدليل قاطع  عن شرعية انتقاد الأمهات والآباء …إنهم في الغالب عانوا بشكل جميل في تقديم الغذاء لنا ..وهو فعل نضخمه بشكل طوباوي .. ونحن في ذات الوقت نعلم بما لا شك فيه أن القطة تفعل ذات الشيء مع أطفالها …

فما فعله آباءنا لا يتجاوز فعلا مصدره الفطرة التي تشترك معنا فيه كل الحيوانات …

اما الفعل الإنساني في جعل أن الحرية والعدل لا يقلان  أهمية عن الطعام والهواء …

إنني وأنا أتعايش مع الظلم والقمع دليل على  فشل تربوي إنساني من الآباء نحو الأطفال …

 وها نحن سنقر الأمر ، وسنواجه الأمر بقلة  اكتراث لا يمكن أن يصدقها عقل إنساني واع .. ولن نرد على هذا الكلام وسنرفض أية إشارة تجعلنا قادرين على أن نتفاعل .. وسنتجاهل الأمر تجاهلا كاملا ونتمم يومنا الذي يشبه البارحة ويطابق الغد…

سنخرج للشارع ونقدم ابتسامات مترفة .. وتدعو النساء بناتها بألا تخبرن عن نعيم رزقن به خوفا من حسد الجارة والعمة والخالة …

ثم نصلي جميعا ونبكي .. ونغادر الجوامع التي تتكدس أمامها لحذيتنا وقت الصلاة بضوضاء تعادي فعل الايمان بالقلب والعقل …

إن هذا السلوك عجيب . وغريب إلى أقصى حدود الغرابة …

هكذا تماما حين نلعن الغرب ونحن نتصل بإخواننا المؤمنين العرب بهواتف صنعها الغرب الملعون …

اسمحوا لي أن أقول دون حياءودون رعاية لمشاعركم لانكم ستموتون جميعا .. لتستفيقوا أنكم كنتم العفن الوحيد الذي كان يدب على وجه الارض ..

هل هاته قسوة يا احبتي ؟!! إنها لب الود والمحبة والاحترام .. وإنني لن أسقط في جحيم تناقض الذات .. لهذا فأنا أخبركم انكم وأنا معكم مخلوقات مشوهة …

اسمحوا لي أن أخبركم .. أعني  أن انبهكم أو قولوا أن أرجوكم بإلحاح بألا تغضبوا مني ..

فالعفن حين ينتبه له لا يتجاوز أن يكون حدثا عابرا بمجرد إزاحته ….

وفي النهاية التي ليست إلا بداية .. عنادا وإصرارا أو حنقا وغيظا .. لقد ارتطمنا بالقعر .. ودوي الارتطام أنهى صداه .. ولم يبق إلا ريح العفن يملأ صدورنا الحمقاء…

نور الدين رميلة – النرويج

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :