عمران بهاوي يكتب: على الهاوية

30 سبتمبر 2020
 
 
جريمة؛ خطف، اغتصاب وقتل ! هذا ما أصبحت تنشر جل وسائل الإعلام منذ فاجعة مقتل عدنان ، فعند تجولك في مواقع التواصل الاجتماعي، مثلا، سوف تجد أن طفلا اغتصب من طرف رجل عجوز، عمه، خاله أو أيا كان ! أم أنك ستجد طفلة اغتصبت من أحد أقربائها أو بالأحرى تجد نفسك ترم في صفحات التواصل مغتصبا من طرف شخص ما ! مؤسف جدا ما نعيشه من تقلبات في مجتمعاتنا خصوصاً مسألة قضايا عندما تطيل التفكير فيها تشعر كأنك قطعة، تحوم على الهاوية، تنتظر شخصاً يرميها أو يدمرها. فهل صارت قضايا الاغتصاب مجرد قضايا عابرة تعم بالضجة لأيام في مواقع التواصل الاجتماعي ثم تنسى كأنها لم تكن ؟ هل نستطيع أن نحمي أبنائنا وسط مجتمع يعيش مختلف أفراده مشاكل نفسية جنسية ؟
 
عديدة هي القضايا المتعلقة بالاغتصاب ، خصوصاً التعرض للاغتصاب من طرف الأقارب ففي كل عائلة يوجد ذلك الشخص الغامض الذي تدعيه كافة أسرتك بأنه شخص كريم ، لطيف ، يحب اللعب مع الأطفال وسرد القصص لهم وليس بالضرورة أن يكون فرداً بعائلتك فيمكن أن يكون جارك أو صديق جدك أو … ذلك الفرد يمكن أن يكون بمثابة شخص طيب لك وقد يكون شرا لك . فما أغنى الشخصيات التي نلتقي بها لكنها تظل قضية واحدة وهي عندما تسلب طفولتك بسبب شخص لديه اختلالات نفسية واجتماعية، وتمارس عليك ضغوطات مأسوية ورعب دائم يقشعر جسمك كل صباح ومساء . تخشى أن تتكلم و تدمر قيم عائلتك المحافظة و تشوه صورة مغتصبك البائس .
 
كلنا نعلم أنه عندما يفرض عليك شخصاً ما شيئاً فإنك تحس أنك محكم و مربوط بالكثير من الحاجات المؤلمة حيث تصبح تنتظر لحظة تنفجر فيها لتفك كل الروابط والأغلال المليئة بالصدى والتي تذكرك بالماضي، تريد فقط أن تخلو بنفسك و تنسى كل الاعتداءات الممارسة عليك ، تبحث عن نفسك وسط متاهات كَونها شخص لم يجد نفسه قبلك . تكتفي بالمحاولات إلى أن تنجح في ذلك أم تفشل .
 
عند انتشار قضايا اغتصاب الأطفال صرت أرى أن الكثير من الأمهات أصبحت تكثرت لأبنائها ، لم يعد هناك أطفال صغار يلعبون في حيينا كثيراً خوفاً من نهك طفولتهم . صارت الأمهات تحذر أبنائها من الابتعاد عنها في الحدائق وذلك لتجنب الاختطاف . عم الخوف ولم يعم الوعي ! هل بهاته الطرق سوف نحمي طفولة أبنائنا ؟ بالخوف الشديد ؟ بالانغلاق على أنفسهم ؟
 
إذا كان القانون سوف يحاكم الجاني فإن مسؤوليتنا تظل في التوعية خصوصاً التوعية الجنسية السليمة فكل أم وأب مسؤولان عن تعليم طفلها ما يجب اكتسابه من معلومات لها علاقة بالجنس، بالصحة ، وكثير منها . والابتعاد عن منهج “حشومة” لأن الخجل يجعلنا نحمل كبثا و عبئا ثقيلا لمدة حياتنا . كما أن كل شخص في مجتمعنا مسؤول بشكل عام أن يساعد طفلاً سواء كانت المساعدة مادية أو معنوية .
حسب رأيي الشخصي المتواضع ، فإني أري أن هاته المواضيع المرتبطة بالاغتصاب ليست محصورة فقط في الدول العربية وانما ايضا في الدول الغربية ، و علينا أن تنضامن مع كل طفل او طفلة ناهيك عن الأصول واللون والعرق حيث أنالحق حق الجميع و ليس مرتبطاً بالتوزيع الجغرافي لكل منا . ولحل مشكل ما، يجب معرفة أصله وحله ولا أنسى أن حماية الأطفال لا تكمن في منعه من حريته، نشاطاته، عالمه الخاص والخارجي ، بل تكمن في توفير العناية له عن طريق توعيه، بالأمور الأساسية التي يعتبرها البعض الآخر كانحراف له ، وتشجيعه على التكلم عن المشاكل التي تواجهه و عدم الخجل .
 
وأختم بقولي، أن تحمل المسؤولية ليس سهلاً جدا خصوصاً في ظل الانحلال الأخلاقي الذي يشهده بعض أفراد مجتمعنا . و اعلم جيداً ان إغتصاب طفل صغير شبيه بردعه إلى الجحيم الدنيوي .فعلى الأباء أن يكونوا سنداً له بمعالجته أو يبتعدوا ليشهدوا تدميره !
 
 
عمران بهاوي – مدينة الدارالبيضاء

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

One comment on “عمران بهاوي يكتب: على الهاوية

  1. جميل و مؤثر جدا

: / :