عبد الرحيم التدلاوي يكتب: إرسالية

25 أبريل 2019

رفع يده وطرق باب القصر المنيف بلطف ثم بقوة حتى سمع صداه يتردد في أعماقه. هكذا تخيل؛ وتخيل أن الكاميرات المبثوثة في كل مكان قد حللت صورته فمنعت انبعاث صراخ الطرق، وصيرت الصدى صمتا مطبقا.

هو لم يطرق الباب، بل أراد ذلك، تراجع إلى الخلف، ضم يده حتى صارت كقبضة ملاكم، وهم برج الباب كي يسمع صوته بإلحاح طالب حق؛ بعد أن أعياه واقعه المزري، ولا جدوى الشكاوى التي تقدم بها…بيد أن طودين انبعثا من لا مكان، لفا يديه إلى الخلف، ورفعاه إلى السماء، و رمياه عاليا.

شعر أنه ريشة، أحس بخفة لم يسبق له أن أن أحس بها من قبل، وأن ثقل مشاكله قد انزاح عن كاهله، بل إنه أدرك تفاهة الحياة برمتها. سبح بحرية في الفضاء الرحب؛ هذا الفضاء الذي احتضنه بحب، وغمره بدفئه، بقي للحظات ينتشي بما هو فيه، قبل أن يتهاوى بسرعة خرافية، ليرتطم بالأرض، كمزهرية، ورأسه بالطوار، سال الدم منه، شخر، حشرج، أخرج لسانه ،بصعوبة لكن بإصرار، ساخرا من تفاهة العالم، قبل أن يسلم الروح.

 

الآراء الواردة في هذه المشاركة  تعبر عن رأي صاحبها فقط.

الكاتب و القاص عبد الرحيم التدلاوي

من مواليد مكناس، درس اللغة العربية في الإعدادي والثانوي، مهتم بالسرد كتابة وقراءة، له في القصة القصيرة: أنامل الربيع، صدى السراب، قلت لي، وقريبا سيصدر له “دوائر القلق” عن منصة “ري” الثقافية، كتاب إلكتروني

في القصة القصيرة جدا، له: وجوه مشروخة، مفترق طرق، رنين الانكسار، الطيور لا تنظر خلفها حين تحلق، تداعيات الدموع والصباح، شفاه الورد، وغيرها..

 

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :