امال الادريسي تكتب: رسالة لصاحب الخط الرديء

22 يوليو 2019

من انت؟، من تكونين؟ ، ما سبب وجودك هنا؟ ، ما قصتك؟، ام وجدة من انت ، من اي مدينة او قرية انت او حي او منطقة انت، ما اسمك ، اسئلة وجهتها وانا اجفف دموعي لسيدة عجوز آلمني منظرها وهي نائمة على حافة باب دكان ، واضعة راسها على صرة اظنها تحمل فيها اغراضها ، عجوز تخبرك ملامحها وتجاعيد وجهها التي خطتها اشعة الشمس ، والشقوق في يديها وقدميها بكل ما كابدته المسكينة لأعوام من تعب وشقاء جراء عملها في الحقول او في البيوت ، زينت يدها اليمنى بخاتم وسوار من الفضة بقايا الحناء تغطي اظافرها رغم كبر سنها فهي امرأة والتزين من طبع المرأة، تلبس جلبابا ازرقا باهتا ، تغطي راسها بمنديل صوفي اسود اللون ، تظهر منه خصلات شعرها الابيض ، زادتها وقارا وهيبة وشموخا رغم سوء حالها ، كان ردها اقسى من منظرها ، قالت: ركبت مع ابني الحافلة من قريتي التي نسيت اسمها ، وصلنا هنا باكرا ، تركني ودهب لقضاء بعض الاغراض في وسط المدينة ، غلبني النوم فنمت هنا فلن يتأخر ابني في العودة ، ثم سألتني عن الساعة اخبرتها انها الواحدة بعد الظهر ، ظهر عليها بعد التوتر والقلق  وبدأت تردد مع نفسها ربما حصل مكروه لابني لقد تأخر كثيرا ، سالتها من جديد هل ترك لها رقم هاتفه اجابتني نعم ثم فتحت الصرة واخرجت منها ورقة ، ناولتني اياها قراتها ، صدمت، شعرت بدوار ، شلت قدمي ، دمعت عيني ، ارتجفت يدي حتي اني بدأت اقرا مثل طفل يقرا الجمل لأول مرة ، ورقة كتب فيها [انا ابن السيدة فاطنة ، لا استطيع تحمل نفقاتها ، وانا اب لتسعة اولاد وراتبي الشهري ضعيف لدى المرجو ممن عثر عليها ان يأخذها لأقرب دار للعجزة  وشكرا] ، رفقا لحالها لم اخبرها بما كتب في الورقة ، لكن تظاهرت باني اطلبه هاتفيا وانه لا يجيب ، فعلت الواجب معها تم استقبالها بدار لرعاية المسنين بعد البحث معها تبين انها تعاني من فقدان الذاكرة ، هي الان تحت رعاية اناس واطر تعمل جاهدة على توفير المكان والحضن الدافئ والرعاية الملائمة الجسدية والنفسية لكل المسنين والمسنات في مثل حالها.

عند كل زيارة لها تسالني عن ابنها ما زالت تظن المسكينة ان ابنها حصل له مكروه وتعيش على امل انه سيعود يوما ليأخذها لترى منزلها واحفادها فقد اشتاقت اليهم كثيرا.                                                                                                    ,

رسالة لكاتب الورقة ، لصاحب الخط الرديء لناكر الجميل ، لقاطع الرحم ، للعاق الدي قطع كل صلة مع التي حملته في بطنها تسعة اشهر شاركها طعامها ودمها وانفاسها ، هي التي نسيت كل الام المخاض عند رؤيتها عينيه ، هي التي سهرت وارضعت وجاعت ومشت حافية من اجل ان تكون انت سعيدا مرتاحا وثقت بك ركبت معك الحافلة ظنت المسكينة ان ابنها سيأخذها في نزهة ، تخليت عنها ، تركتها للمجهول ، وقعت على عقوقك وجحودك  بكلمات كتبتها على ورقة بخط رديء.

امال الادريسي – طنجة

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :