زكرياء الساسي يكتب: مسرحية الله !

31 مارس 2021



 
لقد لعبنا أدوارا لم نعلم عنها شيء فهل نغفر للرب ؟!.
 



 
إن هذا المقال هو لمجنون فقد عقله و إذا وجدتم فيه أي تشابه بينكم و بينه فعلموا انه قد أصابكم مس جنونه، أو أنكم مجانين أكثر منه…
 
 
هناك مقولة تقول أن التاريخ يكتبه من ينتصر و يفوز، فإذا كان التاريخ يكتبه المنتصر فمن الواضح أنه هو من يضع قوانين و منطق الكتابة ! و هو الذي يحدد كيف تكون البداية و كيف تكون النهاية،. أي هو الذي سيكتب القصة كلها من الأساس.
إلى هنا يتبادر إلى الذهن السؤال الذي يعد المحور الرئيسي لهذا الموضوع، و الذي قد يطرحه كل إنسان هو في طريقه إلى الجنون، من كان وراء إبليس عندما عصى الله ؟ أو من وسوس لإبليس ؟ من المسؤول حول عصيان إبليس لله ؟.
 
طبعاً قد تكون هذه الأسئلة جريئة و مستفزة للعقل و للمعتقدات التي ورتناها و التي آمنا بها و أصبحت جزءا من ذاتنا و حياتنا، بل هناك من أصبح يجعل منها الأسس و مبدأ لحياته بدون مسائلتها أو الشك فيها.
فإذا كان إبليس هو المسؤول عن كل شيء يقع، فلماذا يخبرنا الله في كتبه أن الإنسان سيعاقب على أي فعل ؟. ثم من المسؤول الحقيقي في كل ما يقع هل هو إبليس أم الإنسان ؟. و هل الله يعلم ماذا سيفعل إبليس و ماذا سيختار الإنسان ؟. ثم لماذا لم يستطيع الله أن يجعل إبليس يطيعه بدون صراع بينهم، أليس الله على كل شيء قدير ؟.
تبقى هذه الأسئلة معلقة و لا يمكن الإجابة عنها بطريقة تخلوا منها نزعة الاعتقادية أو الذاتية… فى أي إجابة ستبقى نسبية لا تقارب الحقيقة كما هي و التي لا نعلمها نحن و التي كتب بها الكون و نشأت بها الحياة و وجد بها الإنسان منذ البداية.
هذا ما نجهله نحن و هذا هو ما لم نفكر فيه أبداً ، لم نفكر فيما حدث بين الله و إبليس أو الشيطان، لم نعلم حقيقة الصراع بينهما، كل ما نعلمه هو ما تخبرنا به الكتب المقدسة، التي تجعل أو جعلت من إبليس مذنب و شرير و خبيث، و هذا هو ما أثبت منذ مدة طويلة بحيث لم يستطع الإنسان أن يفكر فيه أو يشكك في صحته، أليس من المنطق أن تكون لنا رواية أخرى نستطيع أن نقارن بها الرواية الدينية ؟. من اجل معرفة الحقيقة، ليس من المعقول أن تكون لنا رواية واحدة لها نفس فكرة التي مفادها أن الشيطان شيطان و هو عدو للإنسان و لله، و أنه تكبر على الخالق برفضه للسجود، يجب ان تكون لنا روايات مختلفة تحاكي أو تقارب القصة من عدة زوايا مختلفة، أو على الأقل نستطيع التفكير بهذه الطريقة الجذرية التي تخلق الأمل أمام العقل من أجل فك هذه المعضلة. لا يجب أن ينحصر العقل في فكرة واحدة بدون إعطائه الحق أو الشرعية في التفكير !، يمكن أن نقول أن الرواية الدينية إنتصرت و هي من فرضت طريقة كتابة القصة من البداية حتى نهاية، ليس لدينا أي شيء يمكن أن يقول العكس، الله خلق آدم و إبليس شعر بالغيرة و الحسد من آدم فرفض السجود له و رفض حتى طاعة الله.
إن ما يجعل العقل يسلم و يصدق هذه الرواية هو لسبب واحد ليس هناك رواية تخلفها، و تحكي وجهة نظرها، فلنجعل من العقل هو القاضي و له هذه النازلة فيجب على العقل أن يسمع من كلى الطرفين، أي من الله و إبليس، لكن الحقيقة التي اعتمدنا عليها هنا و وقفنا عليها هي كلام الله فلم نسمع كلام إبليس باعتبره مجرما في القصة و الله هو الضحية، هنا يجب أن نطرح السؤال الذي يفرض نفسه هل هناك محكمة تسمع من طرف واحد ؟ بدون حضور متهم ؟.
هذه من جهة، لنرى من جهة أخرى، إذا كان إبليس رفض السجود لآدم هل هو سبب وجود الشر في العالم ؟ يمكن أن نجيب أو لنقول أن هذا السؤال يفترض وجود إجابتين و كلهما خطيرة؛ اذا كان إبليس هو السبب في وجود الشر فهذا يعني أن الله لا يستطيع التحكم في إبليس و بالتالي فقد أصبح إبليس غير خاضع لقدرة الله مع العلم انه هو الذي خلقه، فقد انقلب عليه و تمرد عليه، و هنا يمكن أن نقول أن العالم أصبح يحكم انطلاقا من قوتين الخير و الشر، و نجد هذه الفكرة في الغنوصية التي تؤمن بأن العالم هو مخلوق من طرف إلاهين و ليس إلاه واحد، إلاه الشر و إلاه الخير، أو لنقول أن الله لم يستطع أن يتحكم في العالم و لا يستطيع التدخل للحد من الشر الذي هو غزو العالم و ما فيه…أما اذا كان إبليس ليس هو المسؤول عن وجود الشر و ليس هو من وراء كل هذه الأشياء التي تحدث للانسان، نكون أمام حقيقة صادمة ألا و هي أن الله هو المسؤول و هو الشرير و الذي يعلم و لا يريد أن يغير أو لا يريد التدخل من أجل الحد من الشر الذي يصيب الإنسانية بكاملها، قد نقول هنا أو نعترض على هذه الفكرة بالأساس و نفترض أن الله لا يريد التدخل بحكم أن الإنسان مسؤول عن ما تقترفه يداه لكن ما ذنب الأبرياء من الأطفال ؟ و من الضعفاء الذين لا ذنب لهم و مع ذلك تحدث لهم مصائب عديدة و مختلفة من الأمراض و الكوارث الطبيعية، أليس الله يعلم كل هذا ؟ طيب لماذا لا يريد تغير المصير، تغيير حركة الشر ؟. نحن لا نقدم هنا الإجابة كاملة أو أننا نحمل الله كل المسؤولية و إنما نشكك من أجل إعمال العقل فقط، من اجل مساءلة الأفكار التي اعتقدنا أنها صحيحة، قد تكون صحيحة و قد لا تكون كذلك، و مع ذلك لابأس إن اعطينا للعقل فرصة للتعبير…
 
 
زكرياء الساسي – مدينة القنيطرة
طالب باحث في الشعبة الفلسفة بجامعة و كاتب المقالات.

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

One comment on “زكرياء الساسي يكتب: مسرحية الله !

  1. مسعودة عزارنية أبريل 5, 2021

    وجهة نظر جديرة بالتفكير فيها….

: / :