حسن بويزكارن يكتب: قصة لا تنتهي

20 يناير 2020
جفاه الكرى، فجلس على منضدة متهالكة، يمخر عباب السماء ويمزق عتمة الليل، باحثا عن كلمات متقطعة يربطها خيطا في خيط لينسج نصوصا هادفة هادئة هائمة على وجهها تبحث عن من تسكنه ويسكنها، عن دفء خرافي، عن عين عاشقة، وحس متقد وشغف لا ينقطع…
مخاض منهك، فولد نصا جاء في مطلعه:
” بيوت حبلى ببطون متدلية منتفخة كل مساء، وفي الصباحات المشمسة تلد وجوها كثيرة، ليست أقنعة ولكنها مجعدة فقدت ملامحها القديمة…”
القلم يغزو تخوم الخيال، لاصطياد عبارات تخيلية جميلة. وحده التخييل يجعل النص جميلا مشوقا يجر القارئ إلى أخر رمق دون كلل ولا ملل.
يضيف كلمة يراها مناسبة ودقيقة أكثر، يحذف عبارة ركيكة يستبذلها بأخرى أكثر وضوحا وفصاحة.
يسير الليل نحو الزوال، والورق يسودّ، والقصة تطول وتتقدم نحو النهاية…
أخذ بيد البطل وجاب به عوالم ذات حالمة، سجينة في عالم مغلق، وأخرجه إلى عالم زئبقي، يتغير في كل لحظة ويحتمل كل المشاعر…
في السطور الطويلة، والعبارات المنمقة لاحظ أن بطل القصة لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب، متكوم في شخصه القديم وفي قوقعة يعيش عزلته لا يتزحزح ولا يتسرب إليه ضوء النهار ولا تغريه شمس الضحى ولا غروبها الآسر…
في غابات مكتضة بالخوف، والمشاعر المختلفة، تركه لحال سبيله وقرر إنهاء هذه القصة التي لا تشي بشيء…
عند النهاية توقف، تسلل إليه الخوف من النهايات، أي نهاية يتوّج بها قصته، أيجعلها حزينة او فرحة أو يتركها معلقة في البين_بين لا هي هذا ولا ذاك، ويترك للقارئ حق تخييل نهاية للقصة كما يريدها.
تستوقفه حكاية “النهايات” ويتذكر مجمل الامور التي لم تصل النهاية بعد في المجتمع، ولم يتم الحسم فيها بشكل واضح، وأن المجتمع لم يستطع أن يحسم في أكبر القضايا الأنطولوجية الجوهرية، والمصيرية…مجتمع مفتوح على كل التأويلات.
 
 
قرر ترك القصة في البين_بين، بلا نهاية، وبلا فرح ولا حزن، وفي شعور غامض مفتوح على كل التأويلات والإحتمالات…وأن الفرع لن يشبع غير الأصل.
 
 
حسن بوازكارن – مدينة أولوز

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

One comment on “حسن بويزكارن يكتب: قصة لا تنتهي

  1. اكسار فاطمة يناير 20, 2020

    رائع ، لطالما كانت كلماتكم سيدي رائعة و متميزة .. كلما رأينا اسمكم تسابقت اصابعنا لتضغط و تبحث عن ما كتبه قلمكم المتميز .. دمت متألقا ابن بلدتي ?

: / :