حمزة المدغري  يكتب: أُجروميةُ المُكتهِفْ

24 نوفمبر 2020

[ يا أنتِ كيفَ أضربُ فأسَ حبي في بُورِ الكراهية وطبقاتُ تيهي فيكِ كالكرى هيَ ]

اقتباس من عاشق سكنتْ روحُهُ بعدَ موته

 أول كلب صادفتهُ

(1)

وظَّبتْ المدينةُ الحركةَ في سرِّها الناهدِ وغادرتْ دُوني. تركتْ الكاساتَ تَتَنَاخَبُ في صِحَّة كمالٍ بلّلتْ ذَقنَهُ رَغْوَةُ كُموني. هرَّبَتِ الوُجْدَ العريشَ مِنْ سراديبَ لمْ يحفِرها أحدْ. سراديبُ تَنْتُشُ من كاغِدي لُعبةَ الورقْ.

كلُّ باب تَدْخُلُهُ يُخْرِجُكَ. وكلُّ خُروجٍ حتميةٌ مُطاوِعةٌ، زَلَقْتَ بين أَبعادِها عُريَك القَبْلِيّْ.

ها أنتَ ذا مُجرَّدٌ مِنْ خَلفِكَ وأَمامِكَ، مِنْ اسْمِكَ وقِبْلتِكَ، فوقَ أُمِّكَ الصّخْرةِ واقِفاً تتنفّسُ عبْرَ رِئَةِ ما ترى مِنَ الصّوَرِ، وهي تنْخطِفُ ثقيلةً كأجنحةِ غَرِيقَةٍ فَوْقَ سِكَكِ جُمْجُمَتِكَ. الصّورُ التي لتُقِطْتَ دَاخلَها ثم غادرتَهَا إلى نَحْوَ.

يُعزّيكَ الضِّمنيُّ المَرصُوصُ في مَوْضعهِ كَمُغازَلةِ الأعْمَى عَصاهُ عنْدما تلْتوي على سَوادِه الذي يَرْتَجِلُ كُلَّ شيءْ.

 رَجَمْتَ هُزَالَ المَعْنَى بحَفيفِ الأليفْ. ولَم تَخْتَرْ التكاثرَ مَلْهاةً لِأَنَّ نافِذَتكَ تنتظرُ ما لا تعرِفْ.

دَليلُكَ غَيمةٌ بَخرتْها جَسْدانِيَتُكُما الخنْثاءُ الراقمةُ على الماءِ، بِقَوافلِ فَجْرٍ تَماوجهَا طينٌ يدْحضُ الإنسانَ كي يُثْبتَهُ.

كليمُ الصّدى يَسْتْنبِتُ اللُّوتسَ في الرَّهْزِ الحائِر بِتعَاليهِ وأظافرهْ.

يتدثَّرُ المُنادى بِالنَّعيِبِ وَالريحٌ مَحْكَمَةٌ تقْطَعُ واسعَ أَزلِها منْ قادِمةِ الفانينْ. مِنْ تعَب المُنتَظِرينْ.

 ما جَسْدانيتُكُما إذنْ؟

هي اصْطِفاقٌ مَبْحُوحٌ يَعجِنُ رُوحي بِجَسَدِهَا طَيّةً طَيّةً. فُجاءةٌ تَسْتقْطِرُ تَجاعيدَ السّريرِ سَكْرةً داخِلَ أنَابيقِ اللُّغةِ، تِلْكَ العَجولةُ في رَحِمِ الشمسْ.

يُعْرِبُ عَنْكَ الجسدُ وجيوبُهُ أيُّها العابرُ مِنْ رَدَهَاتِ المَلَكُوتِ الخَلْفِيَّةْ. يُعربُكَ نَعيماً مَهْجوراً وَسَطَ حَانَةٍ انْكسرَ شِراعُها. فَعوَّضَتْ قَاطِنيها بِقَنانيَ عديمةِ الأعْناقِ، يُشرَبُ فيهَا الأرقُ خُلوداً تَحْتَ شَجَرَةِ الكتُبيِّ النَّهْرِيَةِ الظِّلالْ.

كيفَ تُريدُهُ إذَنْ مُتاجِراً بالسُّؤَالِ يا نُوحُ؟ كيف يكنُسُ كَنَّاسَهُ والدّقائقُ الرَّطْبةُ تصعَدُهُ من ابْترادِ القَدَمِ إلى احْتراقِ الحَلْقْ؟

بِدايةً، ارْفعْ الحياء بينَكَ وبيْنَ الصمتِ والطّيْرِ وَالوجوهِ المُطِلَّة على قعْرِكَ. مزِّقْ الحياءَ الدَّاجِنَ الذي يحجبُ عَنْكَ الكونْ. وَلْتَكْرَجِ المَدينةُ الكُرَّجُ. تباركَ الصَّدْعُ. أنْفاسُ المُكتهفِ وِشاحُ نارٍ يُدثِّرُ أُنثويةَ المُطلقْ.

تَرْشَحُ الرابعةُ صَبَاحاً مَكْرَهَا / نَسْغَهَا، قَطْرةً في أَثَرِ قطْرةٍ في أثَرِ فَراشةٍ تَخْرُجُ مُحْتَلِمَةً مِمَّا انْتظَرْتَهُ وانْتظَركَ وأنتَ طفلٌ.

(2)

عُدْ يا وجهُ عُدْ. أو ابلعْ وجُوهكَ ولا تَعدْ إلا مِنْ صَقيعِ بُحَيرةٍ تُلْهِبُ العضَلَ أوْلَوِياتَ انْفِتالِهْ. حايدْ يا وَجْهُ بِسَجِيَّةِ الحَافَةِ. وابحَثْ عِظامَ صحرائِكَ خَلْفَ الأبْصَارِ المُتربّصةْ.  كأنَّكَ تَخِذْتَ الغَيْبَ المخْتبِئَ في شَعْرِها مِجْدافاً تضْربُ بِهِ على متْنِ سَفينِ حُدُوسِكَ المستغرِقَةُ في صَيْدِها الهاربْ. عُدْ لأُباطِنَ الكِتَابةَ على الحَاجِبِ بأنفيَ، وما يَنْشُقُ: فصولٌ تتآمرُ عَلَى خَريفٍ تسكن إليه العلامات المهاجرة. تَنهُّداتُ دُمىً يُطَبِّقُ علَيْها الإنسانُ قُبْحَهُ الأبيَضْ. ثَرْثَرَةُ نَيْزَكٍ رمتْ بهِ المجرّة العاشقَةُ نَوَافِذ الأَرضْ.

أَشْرفَتْ تمارينُ التّكرَارِ على إغراقِ الأرض وَأنَا لمْ أهَبْهَا بعْدُ سَبَباً لتَضْحَكَ مِنْ عرْشِ بُوسَيْدَونْ المُخْتزَن داخل أكْوَارْيُومِ السّرْدْ.

 كأنَّ نُوحاً تَغَاضَى عَنْ تَذْكَرَةِ سَفَرِيَ المُزَوَّرَة، حِينَ قَرأَ فوْقَ حَاجِبي أنّني مُغَادِرٌ وَسَطَ الرِّحْلَةِ لأَبْتَدِأَ طَريقيَ الخَاصْ.

طَريقِيَ الزّمنُ الذي يَخِفُّ كُلّما وارَيْتِهِ خَلْفَ ظِلِّ نَهْدِكِ الحَافلِ بالزمَّارينْ. اسْتدركْتِ نَسْلَكِ بحُزْمَةِ أبْجَدِيَّةٍ سَلَبْتِ القَدَرَ الكَنْغَرَ إيّاها، فكاثفْتِ نُطْفِيَّةَ الفَرَاغِ الذي جلسَ إلى مَائدَةِ جُوعكِ دونَ دعْوةٍ، ثم سَحَبَ الخِوَانَ عَنْ نَهْدِكِ المُفَكِّرِ في سَرِيرَةِ الأَنْتِيكَاتْ. الزمنُ ثَعلبٌ يَقِيلُ فَوْقَ عتَبةِ العَشَّابِ، فِيمَا الفَراغُ ضَيْفٌ يضَايِفُكِ غابةً شيباءَ بين أَبَدِ خَطْوِهْ.

(3)

  يَمْشي الموجُ على اثْنَيْنِ عَالِياً.

أَشعِلْ بِفائِقِ دَمِكَ سَجَائِرَ سَبِخَةَ السِّرّ. ثمّ اقرأْ ما تَيَسَّرَ وَمَا لَمْ يُتَيَّسَرْ مِنَ الدُّخانْ.

إنَّ أَنفاسَ المُكتَهِفِ ترنيمةُ غَرابةٍ: تُذْوِيكَ تَقشِرُكَ تجْلُوكَ.

 يَتعكَّزُ الموجُ قعرَكَ ويمرِّرُ خِلالَ الكُوَّةِ أمْرَهُ:

جُرَّ الغُبارَ من ذَيلٍ لَيْسَ تَراهُ ولْتبقَ المَدِينَةُ مُدينةً لَكَ بِمَا لا تدري: بنوتات الدَّمِ و هَواجِسِ الزَّبَدْ، بتَكْشيرَةِ الدقائق وانشطار الأبدْ.

 

سَارَ الجمادُ إِليْكَ، حامِلاً الفَرَحَ الذي لا يَكونُ على رَاحَتيْهِ الخَشِنَتَينْ. اسْتَودعَتْكَ رِجالاتُ الثلج اعْتِزالَ الجَدّةِ وَهِيَ تُدنْدِنُ. أَيْ رائحةَ المَطَرْ، مَنْ وَعَدَهُ التَّكوينُ ومَنْ يَسْتَوْفِيه غَداً العَدَمْ؟ من ضيَّعَ آخرَهُ وَوَلَغَ في شِرْيَانِ الجَوابِ السَّأَمْ؟

لا أحد.

حَالُكَ حَالُ ذِئْبٍ حَالِكٍ يَنْهبُ بِحَارَ البُرهة أَثْنَاءَ شُرُودِهِ الأَقْربُ إلى الصلاة مِنْهُ إلى الشُّرودْ. الأَقرَبُ إِلى شُرودٍ يعْقِرُ ظِلَّهُ مِنْهُ إلَى صَلاةِ الأَكاسْيَا المُعْتَقَلَةْ داخل الشّحوبِ الكَوْنِيّْ.

شرودٌ لِمَا نسِيتَهُ وما تَذكَّرُه فَكُّكَ السُّفليُّ مِنْ فَلَتاتِ الصَّمْتْ. شُرُودٌ كتصاويرَ تُهاجِرُ فصَّ المقْبَرة الصَّدْغِيَّ إلى الخمّارة التي كُسِرَ شِراعُهَا. فقايضتْ أغانيَ الحوتِ بمِزْوَلةِ gps.

تُطْبَخُ الفكرةُ، تحْتَ اللّسان ثم تُسافِرُ مَعَ الرّيقِ صوْبَ دَهْشَةٍ تَحْتضِرُ رُغْمَ دَهْشَتِهَا.

 الشّرودُ إغماءٌ خفيفٌ يتوسّدُ جلودَ الماهياتِ التي لمْ يَلْمَسْهَا بعْد دَبّاغُو الكيْنُونَةْ.

شرودُكَ عضلةٌ ضَيَّعْتَ مَوْضِعَهَا. ولمْ يبقَ لكَ سِوَى حِجامَةُ كتُبِكَ مرةً أُخْرَى.

شُرودٌ زادَكَ ذُبَابِيَّةً وَغَرَابَةً فُوسْفُورِيَّةً. تلمّسْتَ بِهَا نُغُولَةَ أُصولٍ لم تتَوَانَ عن كَشْطِها مِنْ عُرْجونِ الفزُّورة، بِأصَابعكَ المَبْطُورَةْ.

(4)

مَا تَتنهدُّ يُطْفِئُ مَواقِدًا. افتحْ انتظاركَ بالهُدْبِ. وازْرَعْ في الضَّجِيجِ سِنْدِيانةً. تَوِّهْ الانعطافَ مَعَ الشَّارِعِ المُؤَدّي لِلْبَيْتِ ثم أَدِرْ ثُقْبَ بَابِ تِيهِكَ بعَوَاصِفَ هارمونيكيّةٍ. انظُمْ صفيرَ وحْدَتِكَ في سفَافِيدَ تُفْرِغُهَا مِنْ الأضْغَاثِ. لِتُلوّحُ بِهَا لأَقربِ لَيْلٍ إِلَيْكْ. تناسخَتْكَ الشماناتُ حَادِثَةَ وُقُوفٍ مَعَ قِطاراتٍ حَافيَةٍ لا تَصِلُ عَوَالِمَهَا الموْعودَةَ إلا مُتَخَلّفَةً. تخلّفتَ بِدَوْرِكَ عَنِ المَوْعِدِ كَيْ تُفَكِّرَ في شُهَداءِ اللغة. سهوتَ، فوهتَ، قُلْتَ: ادْخلِي ياريحُ من هُنا وَأَنتِ يا ضَرورةُ قِفي قُبَالَةَ الحَائطِ على رِجْلٍ وَاحِدَةْ. اخْرجِي يا ريحُ من هُناكَ، من رِسغِ تَمْتَمَةٍ تُسْفَحُ عنْدَ قَدَمِ الأجْراسِ المُنْقَرِعَةِ مِنْ تِلْقَاءِ كآبَةِ عشِيَّةِ الأَحَدِ الزَّيْتِيَّةْ. مِنْ تِلْقَاءِ عُجُولٍ نُورَانِيَّةٍ، نَذْبَحُهَا ثم نَضْرِبُ بِبَعْضِهَا شُهداءَ اللغةْ.

نَرْمِي لِلْمَوْقِدِ تَمَاسُكَ السَّائِرِ إلى فَنَاءِهِ. فَتَحْمرُّ الجَمَرَاتُ خَجَلاً. نَرْمي لهُ مَعاطِفَ النُّورِ البَارِدَةَ وَقرنيْ تَيْسٍ كانَ شَيْطَانا. نَرْمي أَنْفُسَنَا لِلْمَوْقِدِ. لتَعْلُوَ وُجُوهُ شُهَدَاءِ اللُّغَةِ وسَطَ الدُّخانِ الذي تُسمُّونَهُ لَيْلاً.

(4)

أَنفاسُكَ تتسارعُ ولم تُعرِبْ عنكَ سَرائرُ الأنْتيكَاتِ بعدْ.

أَيجثُمُ عَليْكَ نِدَاءُ الجُدْجُدِ المُرْتَجِعُ  عميقا كهُوّة سَكْرَانَةٍ دَاخلَكَ، فيمَا عَرَاقَةُ لَحْمِهَا تَرُوزُ نبْضَكَ بأُسْطُورَةِ عُشاقِهَا الأَوَائلْ.

يسقُطُ منكَ العقلُ أُقحوانًا يَبْلَعُ أثَر قدمك دُونَ أنْ تَنْتَبِهَ.

تِلْكَ دموعُ أُمِّكَ وقد تجَمَّعتْ بُحيْرةً يغْتسِلُ عِنْدَها الأنبياءْ.

تِلْكَ مغاليقُكَ الرّمليةُ زُلالٌ في كأسٍ تشرَبُها رُغْمَ شَكِكَّ الطّويلِ، كتوازٍ تَبْتَدِأُهُ يدُكَ ولا يعودُ إِليْها .

الوجهُ في جَيْبِكَ، والجيبُ هَشيمٌ يبَدِّلُ ألوانَهُ فَوْقَ القبرِ، القبرُ زَوْرَقٌ يَعبُر تُخُومَ ورقةِ الغارْ. زوقكَ مُنكّسُ الفَنارِ يَجْبي العَناصِرَ دونَ أنْ يَسْألَ جروحَ القِرْمِيدِ: لِمَ يتَجاهَلُني وجْهي كُلَّمَا أَبصَرْتُهُ؟

(ملحوظة: لا فائدة من كتابة إسمكَ على شاهدة قبركَ. على الأقل انقُش انحناءةَ  المرأة التي تشتهي عن بُعْد على عُرْقُوبِهَا المضيئ كيراقة، فتؤنسُ وحشتكَ. ويكونُ خيْرٌ  لَوْ استبْدلْتَ أرقامَ تاريخٍ ميلادكَ بعدد المرات التي انكسرتَ فيها كموجةٍ تشظتْ بُعَيْدَ الارتطامِ بأذْن تُصغي إلى الكوكياج الساقط من لحية بوسيدون، وبَدَلَ أرقامِ تاريخ وفاتكَ اكتُبْ عددَ المراتِ التي ابتسمتَ فيها كتراب داَئم التشقّقْ. دائمُ الكَفافِ. فيقولوا عجبا، كيف ابتدأ شمعةً و انتهى حريقا؟ كيف ولد شيخا ومات  طفلا؟ حينها تنزٍل المرأةُ شاهدةُ قبركَ لتتفقد سِرّكَ متعلِّلَةً بالإبحارِ معكَ ، لكن سرّكَ لا يُعرَفُ لأنّكَ ميْتٌ و تَسألُ)

لم يتجاهَلُني انعِكاسيَ كلّمَا أبصرتُهُ؟

لِمَ أنا بُرْعُمُ دمٍ مُجَرَّدٌ يرْتُقُ بالذَّرَّةِ يَأْسَ هَوَاءٍ حُلَّ دُونَ قَصْدٍ أَوْ بَدءْ؟

رُبّما لأنكَ المُكْتَهِفُ القابضُ عَلى كَلمَاتهِ بأَصَابِعِ المَاءِ المعْقُوفَةْ. تَفْقِدُ وَعْيكَ في مَعلومٍ ويسترجعكَ في مَجهولْ.  بِفتَّاحَةِ النّبيذِ تعزفُ عَلى المُكَبِّرةِ الحُبلَى بوقوفِكَ فَوقَ نهايةِ اللامكانِ وفي يدِكَ مِجْرفَةٌ ومسافاتٌ وُلِدتْ معكَ.

أَصْغِ إذن، إِنَّ:

سَريرتَكَ غيمةٌ يُلاحِظُكَ مِنْهاَ خَيَالُ وَالِدِكَ الذي لَمْ يَمُتْ عَنْ قَصْدٍ، تلتقي عيْنُكَ بِعيْنِهِ كُلَّمَا فَكَّرْتَ في خرائطِ الله وشَرَدْتَ

خليلتُكَ الصّحراءُ تَحْتَ السِّربَالِ تَتَّسِعُ، مَتَى بَارَكْتَ مَا لَنْ يَكُونَ لكَ

رَبَّتُكَ الكلمةُ إبرةٌ بين بَرْهَنَاتِ المَدِّ والجزرِ، ترْقُبُ إيمَاءَاتَكَ

أُمُّكَ قَصِيدَةٌ بَيْضَاءُ وَكَلِمَاتُكَ مِدواةٌ دَفَعَهَا الهجْسُ بِبِنْصَرِهْ

أنتَ لا أَحَدْ

 بين ما كُنْتَهُ وما سَتَكُونُهُ، تصيرُ لا أَحَداً

لا أحدُ أيها المَجْرُوحُ بِحركَةِ الحِمَارِ حَوْلَ مِعْصَرَةِ الوَقْتِ، وبِجُنُونِ  طواحينٍ تَتَوَعَّدُ عُنُقَ المُؤَقَّتِ. غزوكَ كامنٌ في كبِدِ السَّوْطِ وصراخِ الصِّفرِ (الصفرُ العُصابيُّ. القاتلُ. الحنونْ).  كامنٌ في تاريخٍ تُرِكَ فَرْخَ غُرابٍ لِقَارِعَةِ وجودٍ تَتَحلَّقُ علَيْه أشْكَالُ القِطَطِ الشِّيرَازِيَّةِ وَمَلَائِكُ تُخَطِّطُ للتَّظَاهُرِ الصَّامِتْ.

 صَقَلَتْكَ سِيزيفيَّةُ طَوَاحِينٍ تُقيمُ تَحْتَ الجِلدْ. فوقَ العَظْمْ. جِوارَ اللُّجّْ، قُبَالَةَ السَّلْبِ. نواعيرٌ تُوزِّع فَكِهَةً لَغْوَ الآلهَةِ خُبْزًا على المُتَضَوِّرينَ مَوْتًا.

 تمْخَضُكَ حَشْرَجَةُ لُغَتِكَ النَّفْسَاءَ. تَجْرَعُكَ عِنْدَ ضَبْطِكَ اللّقْلاقَ على توقيتِ تيهٍ ينفُخ باكتهافِكَ على اللَّهبِ الأَكْبَرْ. اللَّهَبُ المَكْتُومُ دَاخِلَ إِحْداثيَّاتِ اليدْ … إِلَى أَوَّلِهِ… إِلَى أَوَّلِهْ.

وظَّبتْ المدينةُ الحركةَ في سرِّها الناهدِ وغادرتْ دُوني. تركتْ الكاساتَ تَتَنَاخَبُ في صِحَّة كمالٍ بلَّلَتْ ذَقنهُ رَغوةُ كُموني. هرَّبَتْ الوُجْدَ العريشَ مِنْ سراديبَ لمْ يَحفِرها أحدْ. سَراديبُ تَنْتُشُ من كاغِدي لُعبةَ الورقْ.

حمزة المدغري – مدينة فاس

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :