إلياس الخطابي يكتب: الألم . قصة قصيرة

1 مايو 2021

استيقظت متأخرا ، ظللت اتمدد في السرير ،احدق في السقف . منذ امد استيقظ باكرا ،رغم انني انام متأخرا ، ربما ،الآن جسدي تعب . لم يعد قادرا على شيء . قديما حينما كنت انهض ، احسني خاو من كل الآلام ،ذهني يكون صاف . الآن ،حينما انهض ، ذهني يملؤه ضجيج ، اصوات لا علم لي بها ،اناس كثيرون يتصارعون داخلي ، انهض فورا كي لا انفجر ..

وجدت امي ترش الشعير للدجاج ،حدقت بي ثم قالت ضاحكة :
-“أمي ينوا دورذ ططساذ بزا ف ” ولدي اصبحت تنام كثيرا

فكرت ان اصارحها ،ان اقول لها :
-تعبت من كل شيء ..لم اعد قادرا على العيش ..

لكنني لم افعل ، لها هموما اكثر من همومي ، لا اريد ان اضيف لها همي ، علينا ان نتحمل همومنا وحدنا ، كي نكون اقوياء في الأيام الآتية . الذي لم يتألم ،لن يذوق طعم السعادة ،هذا ما قرأته في كتاب لم اعد اتذكر اسمه . ليلة امس ،قلت لصديقي محمد :
-علينا ان نكف عن لوم الواقع ،وأن ننهض لنقاتل ،الذين يصيرون افضل هم الذين ينهضون باكرا ويعملون ..



انفجر ضاحكا وقال لي :
-اصبحت متفائلا كثيرا ، ما تقوله ،لقد جربته وفشلت..لقد كتب علينا ان نعيش هكذا ،الآن علينا ان نتعايش ، لا يمكن ان نغير هذا الحال السيء الى الاحسن

اديت فرائض الصباح ، خرجت من المنزل ، انظر في كل ما يحيط بي ، قطة تموء وتموء ،كلب يلهث ، عصافير تزقزق ، الى اين أمضي ؟
لقد تعثرت ،كما اتعثر دوما .ضباب في ذهني ، منذ امد اتمشى . انني امشي كي لا ابكي ،هذا ما قاله الراحل هينري ميللر

انا امشي كي احسني موجودا ، مشيت ببطء ، لم التق احدا في الطريق ، شباب البلدة رحلوا الى مدن الشمال ، ليبحثوا عن مستقبل ، المستقبل هنا لا وجود له .حتى العيش منعدم ، الإنسان يولد هنا ليموت ، لا ليعيش ..لا يحق له ان يحلم ،احلامه تتبخر ، يستحيل ان تتحقق .

زرت المقبرة ، جلست قدام قبر جدتي ، تأملته ،رجعت بي الذاكرة الى الوراء ، تمنيت لو كانت حية ،هي الوحيدة التي كنت احدثها كأنني احدث نفسي . شرعت في البكاء .حينما ماتت ، لم ابك ، لكنني كنت حزينا ، اقربائي سألوني حائرين :
-لماذا لم تبك على رحيل جدتك ؟ انت انسان له قلب ام له حجر ؟

انفجرت في وجههم قائلا :
-حزني على رحيلها اكبر من تصريفه عبر دموع

إلياس الخطابي – مدينة الحسيمة



اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :