كريمة ازرايدي  تكتب: سندي في الحياة 

11 أبريل 2023

بعيدا عن الناس وسكان القرية نجد بيت العم خالد، حيث كان يقطن هو وزوجته وابنته دليلة، ميسورين الحال ويعيشون في سلام وحب.

دليلة طالبة بالسنة الثانية ثانوي، جميلة ذات العيون البنية والشعر الاسود مع غمازات صغيرة تظهر تارة وتختفي تارة، الا انها كانت تتميز بعفتها واخلاقها الحسنة سواء في الثانوية او القرية.

رغم طيبوبة قلب دليلة فكانت كل الظروف تأتي ضدها مشكلة تلو الاخرى لكن صبرها كان لهم بالمرصاد.

….

ذهبت دليلة للثانوية مع صديقتها ليلى التي دائما تتأخر عن مواعيدها، دخلوا الصف وبدأت الحصة الى ان قاطعهم طرق الباب.

المعلم (بنبرة حادة) :نعم تفضل

دخل المدير رفقة شاب وسيم وقال:هذا غَيث صديقكم الجديد التحق بالثانوية مؤخرا.

(انصرف المدير، وجلس الشاب خلف دليلة)

انتهت الحصة ورن الجرس كل من كان في الحجرة انصرف الا دليلة وغيث، كانت دليلة منهكة من كثرة الدراسة اما غيث شاب لاا يهتم بتاتا بشيء اسمه الدراسة هو معتمد على والديه فقط.

من الوهلة الاولى التي دخل فيها الشاب تحرك شيء غريب في روح دليلة، دقات قلبها تصارعت ووجنتيها اصبحتا ورديتان.

كل هذا لم تبالي له دليلة بل لم تحدثه حتى فهذا من طباعها، ذهبت للبيت والغريب انها لم تحدث ضجيجا كما المعتاد وان ضحكاتها لم تتعالى الى ان تصل دكان العم جليل، بل القت السلام وصعدت الى غرفتها بكل هدوء.

صلت دليلة صلاتها، وكان بالها منشغل مع الشاب الجديد لم تعرف دليلة ماذا يحصل معها ومن كثرة التفكير كاد رأسها ينفجر فذهبت فورا الى النوم.

في الصباح الموالي لم تذهب للثانوية شدة مرضها، اتصلت دليلة بليلى لكي تعطيها خبرا لعدم مجيئها للثانوية بسبب مرضها، فاتفقت الصديقتان ان يلتقيا في بيت دليلة

…..

مرت ليلى لبيت دليلة، جلبت معها الكثير من الحلويات والاشياء التي تحبها دليلة لكن هذه الاخيرة لم تصرخ وتقول:اكل، اكل، اكل، اكل.. ، كما تفعل في كل مرة بل اخدت تلك الاشياء وشكرت صديقتها لاول مرة على هذه الاشياء، هنا عرفت ليلى ان هناك خطب ما يجري مع صديقتها، اقتربت منها وقالت:ما خطب صديقتي الجميلة؟

دليلة:لا اعلم

ليلى:هل هناك من احزنك ام انك تريدين المزيد من الاكل هه

دليلة:الامر ليس مضحك يا ليلى فأنا لست على مايرام من اسبوعين، و بالامس حدتث معي بعض الاشياء الغريبة.

(دليلة لم تتذكر ابدا الشاب الجديد ولم تسأل عنه)

ليلى:احقا!؟؟ لقد زاد خوفي عليك الان، هل نذهب الى الطبيب ام نخبر اهلك بالموضوع؟

دليلة :لا لا رجاء لا اريد ان ازرع الخوف في قلبهم، انتِ تعرفين بعد موت اخي سليم اصبح اي مكروه يصيبني يجعلهم في قعر الخوف.

….

ذهبت ليلى الى البيت بعد ان اتفقت هي وصديقتها ان يذهبوا الاسبوع المقبل الى الطبيب، على وعد من دليلة ان تأتي للثانوية في الايام المقبلة

…..

بعد ان رن الجرس دخلوا جميع الطلاب الى حجرات الدراسة ماعدا دليلة وغيث.

خرجت دليلة من مكتب المدير بعد تبريرها لغيابها اذ بها تتفاجئ بغيث امامها، فاحمر وجهها وتسارعت تنهيداتها،مد غيث ليسلم على دليلة اذ بالصاعقة تضربه.

دليلة:اسفة فأنا لا اصافح الرجال(تتحدث مع توجيه نظرها للاسفل)

غيث:امم حسنا اسف، كنت اود ان اسألك

دليلة:تفضل

غيث:ايمكنني ان استعير منك بعض الكتب لكي اراجع ما فاتني منهم

دليلة:اجل بكل سرور

…..

لم تنم دليل ذاك اليوم كانت الفرحه عارمه في قلبها اما عن غيث فاخذ كل الكتب كتب ما فاته من دروس وراجع واصبح من فتى مشاغب ولا يحب الدراسه الى فتى مجد ومجتهد وكل ذلك بفضل دليله

…….

اشتد مرض دليله في الليل حيث اغمي عليها واخذها والدها الى المستشفى اتصلوا بصديقتها ليخبروها انها لن تاتي الى المدرسه وهذا ما حدث بالفعل بقيت دليله في المستشفى رفقه والدها ووالدتها رافقهم الدكتور الى مكتبه حيث كان وجهه شاحب وكانه في صدمه ما قل له العم خالد

_ ماذا حدث يا دكتور هل هناك شيء؟

قال له الطبيب:_ فقط انتظروا نحن الان في معالجتها وبعد قليل سنخبركم ماذا هناك .

لكن الام لم تكون مطمئنه لكلام الطبيب قالت له :_قل لنا ماذا هناك فانا اعلم انك تخفي عنا شيئا !

تفضل الدكتور وقال :_(بصوت منخفض قليلا وكانه متقطع شبه ما) ابنتكم دليله مريضه جدا وقد تاخرتم في احضارها لنا اكتشفنا انها مريضه بمرض خطير الذي يدعى السرطان لكن لا تخافا نحن سنعالجها وسنبقى معها الى ان تستعد صحتها لكن المرعب في الامر انها تعدت المرحله الاولى وهو الان في ثور مرحلته الثانيه.

…..

(اغمي على ام دليله اما العم خالد فلم يصدق ما قاله الطبيب وبقي مصدوما في مكانه دخلت الممرضات واخذوا معهم ام دليله الى غرفه حيث دعموها بالاكسجين والادويه اللازمه لها)

……

(في الثانوية)

سال غيث ليلى:_ لماذا لم تاتي دليله للثانويه اليوم؟

فاجابته ليلى :_ان دليله مريضه وهذا ما اخبرها به والدها.

_قال لها غيث :ماذا بها ؟

_ قالت له: وجدوها مغميه عليها فاخذوها الى المستشفى وانا الان قلقة عليها لان العم خالد لم يجيبني على الهاتف.

……

سالت دليلة الطبيب:_ما الذي اصابها وما بها من مرض .

قال لها الطبيب:_ انت فتاة قويه وهذا ما يبدو لي وهذا ما اخبرني به والدك وايضا لن تمانعين على قدر الله .

فقالت له :لا امانع على قدر الله فانا اعلم انني مريضه ومن مده فقط اريد ان اعرف ما هو مرضي.

اخبرها الطبيب انها مصابه بالسرطان ،واضاف :_ان الطب تقدم ويمكننا معالجة هذا المرض

 فقالت دليلة:_قدر الله وما شاء فعل هذا ما قدره الله لي والله يفعل ما هو خير لنا.

فرح الطبيب لما قالته دليلة وعلم انذاك انها فتاه قويه ويمكنها مواجهه هذا المرض وايضا لمواجهه هذا المرض اول شيء يلزمنا هو الارادة والعزيمة وقوة الصبر وكل هذه الصفات تميزت بها دليلة

……

في اليوم التالي ذهب غيث الى المستشفى اخذ معه بعض الزهور والشوكولاته وبعض الحلويات التي اخبرته ليلى ان دليلة تحبها وعندما وصل الى الغرفه تفاجئت دليلة نوعا ما لكنها فرحت في نفس الوقت وعادت لها الابتسامه التي غابت لمده وهذا ما لاحظه العم خالد وام دليله فتبسم ورحبوا بغيث.

تركوهم لوحدهم في الغرفه حيث سأل غيث دليله:_ بماذا تشعرين الان هل اخذتي قسطا من الراحه ام لا؟

اجابته دليله بكل فرحة:_ نعم لقد اخذت قسطا من الراحه منذ اتيت الى المستشفى وكان ينقصني شيء فقط وهو انت.

تعجب غيث من كلام دليله وقال لها ماذا قلت

 قالت له :_كنت اريدك انت فقط منذ ان اتيت الى المستشفى وانا افكر فيك فقط والاكثر من هذا منذ اول نظرة احببتك.

هنا تبسم غيث وقال لها:_( وهو ممسك يدها) لا تخافي انا بجانبك حتى تستعيدين صحتك وسابقى معك الى الابد تبسمت دليلة وشعرت بالراحه تماما.

قال لها غيث:_( بصوت منخفض) احبك…

لكن انذاك كأن شيء ما قذف في قلب دليلة، فرحت وحزنت، تبسمت وبكت في نفس الوقت

تعجب غيث من تصرف دليلة فبادر بالسؤال :ماذا اصابك؟

سحبت دليلة يديها من بين يد غيث وقالت :_والله اني احبك حبا لا يعلمه الا الله لكن لا استطيع ان انظر لك حتى، فهذا ما قاله ربي، ومن يعرف قد يكون لنا في الحلال لقاء اجمل.

صُعِق غيث من كلام دليلة الا انه وافقها الرأي وهو ما زال في صدمته…

خرج غيث من الغرفة

والشيء الذي لا يعرفه كلاهما ان هذا قد يكون اخر لقاء بينهما.

(في مكان اخر)

جاء للعم خالد عمل خارج البلد مما جعله مظطر للسفر وقد يطول عمله هناك فجهز كل ما قد تحتاجه دليلة من وثائق ولوازمها الضرورية بحكم مرضها.

ودعت دليلة صديقتها ليلى بعد الكثير من العناق والبكاء…

ذهبت دليلة وتركت قلبها هناك، اخذت مذكراتها ودونت :

_ – ‏الحُب ليس قراراً نسعى لأخذه حتى نعيش في أدق تفاصيله ، الحُب قوّى خفية تسرقنا بخِفة دون قَرار ولا فِرار… فاللهم لقاء عما قريب..

…..

(بعد مرور 6 سنوات)

“في الجامعة”

مريم:اتعلمون ما هو الحب يا اصدقاء؟؟

مصطفى:الحب هو الاكل هههه

تعالت الضحكات في القاعة الى ان بادرت لميس بالتحدث وقالت:_”الحب هو ذلك الاحساس الذي يجعلك تشعر وكأنك تملك جناحين، الحب هو الذي يجعلك تخاف عن محبوبتك حتى من نفسك، و ان كان الحب حقيقيا فلن تستطيع لا المسافات ولا الظروف ولا قلة اللقاءات ان تضعف ذاك الحب، واخرا ما اجمل الحب في الحلال” وهذا ما قاله لنا المعلم غيث

(في المستشفى)

تظهر طبيبة مختلفة عن باقي الطبيبات والممرضات، مرتدية لباسا شرعي وتتحدث مع عائلة احد المرضى لكي تخبرهم بوضع ابنهم، طبيبة خلوقة، مهذبة، مثابرة بشهادة من الجميع، و عاشقة للورد الاحمر هذه هي الطبيبة دليلة.

تصل دليلة الى مكتبها وتجد باقة من الورود الحمراء مع بعض الشكولاته، الى جانب ورقة صغيرة مكتوب عليها:_بعض الزهور مني الى اجمل زهرة في حياتي، انتظرك اليوم على العشاء في مطعمنا المعتاد.

          الى أجمل إمرأة وافضل زوجة

                                  غيث

حب الحلال اجمل شيء فهكذا كانت نهاية حب دليلة وغيث عندما تركوا حبهم لله،الحب يجعلنا نفعل المستحيل حتى وان كان الفراق.

كريمة ازرايدي – مدينة الدار البيضاء

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :